الإفلاس والتسوية القضائية وشروطه
• مفهوم الإفلاس والتسوية القضائية
• الشروط اللازمة لشهر الإفلاس
الفصل الأول: مفهوم الإفلاس والتسوية القضائية
المبحث الأول: أساس نظام الإفلاس والتسوية القضائية
يحتفظ التاجر بإدارة أمواله ويستقل بشئونه مادام أنه قائم بدفع ما عليه من الديون في مواعيد استحقاقها. فإذا توقف عن الدفع وجب رفع يده عن إدارة أمواله منعا له من العبث بحقوق دائنيه. فهذا هو الأساس الذي يقوم عليه نظام الإفلاس، فهو يعمل على حماية حقوق الدائنين، كما أنه يعمل على تساويهم فيما لهم من الحقوق حتى لا يستوفي البعض كل ديونه ويحرم البعض الآخر من الحصول على شيء ما. وتحقيقا لهذه المقاصد يجب التثبت من صفة الدائنين والتحقق من صحة مستنداتهم التي يقدمونها إثباتا لديونهم، ومنع المفلس من إدارة أمواله لأنه ضنين بالخيانة. وأخيرا يجب النظر في تصرفاته الحاصلة منه وهو على أبواب الإفلاس لإبطال ما يكون منها ضارا بالدائنين.
المبحث الثاني: تعريف الإفلاس والتسوية القضائية والمقارنة بينه وبين الإعسار المدني
المطلب الأول: تعريف الإفلاس والتسوية القضائية
نظم المشرع الجزائري نظام الإفلاس والتسوية القضائية من خلال الأمر الصادر بتاريخ 26/09/ 1975 حيث أفرد له الكتاب الثالث من المادة 215 إلى المادة 388 تجاري.
والإفلاس هو الوضعية القانونية لتاجر توقف عن الوفاء بديونه في مواعيد استحقاقها بصرف النظر عما إذا كان المدين موسرا أو معسرا، يعلن عنه بمقتضى حكم؛ والتاجر المفلس تغل يده عن إدارة ذمته المالية وتنزع عنه بعض الحقوق. والإفلاس إجراء تنفيذي يؤدي إلى الموت التجاري للمفلس وتصفية مؤسسته وبيع كل أمواله الأخرى.
أما التسوية القضائية فتهدف إلى إعادة المدين على رأس أعماله بعد اتخاذ بعض الاحتياطات الواجبة.
المطلب الثاني: مقارنة للإفلاس بالإعسار المدني
هنا يتوجب علينا الرجوع إلى الأحكام التي تضمّنها القانون المدني في المادة 276 مدني وما يليها، ومقارنة هذه الأحكام مع الأحكام الواردة في قانون التجارة، كي نظهر الفوارق الأساسية بين نظام الإعسار ونضام الإفلاس وأهمها:
1. لا يجوز شهر إعسار المدين غير التاجر إلا إذا كانت أمواله لا تكفي لوفاء ديونه المستحقة الأداء، بينما يشهر إفلاس التاجر لمجرد توقفه عن دفع ديونه التجارية ولو كانت أمواله تكفي لوفاء ديونه كما سنرى.
2. يحق للمحكمة أن ترفض شهر الإعسار، وإن كانت أموال المدين لا تكفي لوفاء ديونه، إذا ارتأت أن المدين لا يستحق هذه المعاملة. أما التاجر المتوقف عن الدفع، فيجب على المحكمة شهر إفلاسه، ولو كان توقفه نتيجة قوة قاهرة أو ظروف طارئة أدت إلى ضعضعة حالته المالية وفقدان الثقة به.
3. من حيث المبدأ إن آجال الديون المترتبة على المدين المدني تحل عند شهر إعساره، غير أنه خلافا للمبدأ الذي أخذ نظام الإفلاس يجوز للقاضي المدني في حالة شهر الإعسار تمديد الآجل، كما يجوز له أن يمنح المدين أجلا بالنسبة إلى الديون الحالة، وخاصة إذا كان هذا الأجل يكفل مصلحة الدائن والمدين معا ) م 281 مدني ( . غير أنه لا يجوز للقاضي التجاري منح آجال قانونية أو شرعية ) م 464 تجاري (
4. لا يجبر المدين غير التاجر على إخبار المحكمة بحالته المالية المرتكبة، على عكس المدين التاجر الذي يجبر على ذلك خلال مدة معينة وتحت طائلة العقوبة.
5. إذا كانت حسن النية مفترض قانونا في الأمور المدنية، وسوء النية يحتاج إلى إثبات، فإن حسن النية غير مفترض في الأمور التجارية، ولذا فإن حسن نية التاجر تقررها دفاتره التجارية من حيث تنظيمها.
6. ومن أهم القواعد في الإثبات المدني أنه لا يجوز لأي شخص أن يخلق دليلا لنفسه، كما أنه لا يجوز إجبار شخص أن يقدم دليلا ضد نفسه. إن هاتين القاعدتين لا تطبقا في الأمور التجارية إذ أجاز المشرع للتاجر أن يثبت بواسطة دفاتره التجارية إذا كانت منتظمة وتكون حجة مجبرة للقاضي في الدعاوى بين التجار وخاصة الإلزامية منها أو غير الإلزامية فتكون بمثابة القرائن القضائية التي يترك أمر تقديرها لقضاة الموضوع.
7. لا يحول شهر الإعسار دون اتخاذ الدائنين إجراءات فردية ضد المدين الذي شهر إعساره بعكس الإفلاس الذي من شأنه وقف جميع الإجراءات الفردية ضد التاجر الذي شهر إفلاسه.
8. يقضي حكم شهر الإفلاس بنزع يد المدين التاجر عن التصرف بأمواله وإدارتها أما المدين غير التاجر، فيجوز له رغم الحكم بشهر إعساره، أن يتصرف في ماله ولو بغير رضاء الدائنين، على أن يكون ذلك بثمن المثل، وأن يقوم المشتري بإيداع الثمن خزينة المحكمة حتى يوزع وفقا لإجراءات التوزيع.
9. لا يؤثر شهر الإعسار في حقوق المدين السياسية في حين أن شهر الإفلاس يؤثر في هذه الحقوق.
10. إن أهلية التاجر الذي شهر إفلاسه تصبح ناقصة إذ أن حكم الإفلاس يعتبر من أحد عوارض الأهلية التجارية. بينما إذا أشهر إعسار شخص مدني فلا تتأثر أهليته المدنية.
11. ليس للمدين في حالة الإعسار أن يستفيد من صلح تقرره أغلبية رؤوس دائنيه المالكة لثلاثة أرباع الدين لإجبار الدائنين الذين لم يقبلوا بهذا الصلح على الإذعان لأحكامه، في حين أن القانون التجاري منح هذا الحق للتاجر المفلس.
12. أعطى قانون التجارة الحق للمحكمة بحجز حرية التاجر الفلس ) الإيلام ( في حين أنه ليس للقاضي المدني أن يقرر حبس المدين غير التاجر عند إشهار إعساره.
المبحث الثالث: الأسباب المؤدية إلى الإفلاس
إن اضطراب الأعمال الذي يفضى إلى إفلاس التاجر ينشأ من أسباب عديدة لا تشغل كلها مسئوليته بدرجة واحدة لكن المألوف أن يرتكب التاجر بعض الأخطاء.
المطلب الأول: الأسباب الداخلية
1. بعضها لها جانب قانوني، فغالبا ما يكون شكل الشركة لا يتناسب مع حجمها، فمبدئيا الشركات ذات المسئولية المحدودة تتناسب مع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والشركات المجهولة ذات التجارة الكبيرة. كما أن الإحصائيات تثبت أن بعض أشكال الشركات أكثر تعرضا للإفلاس كالشركات ذات المسئولية المحدودة.
2. سوء التسيير، بعض العوامل تؤدي إلى إنقاص أو هلاك المرودية، كأن تكون البضائع المخزنة أكثر بكثير من رأس الأعمال، أو ارتفاع التكاليف، وقد يخطئ التاجر في احتساب نفقة إنتاجه أو ثمن التكلفة وقد يبالغ في مصاريفه العامة ككثرة العمال أو تقاضيهم رواتب أكثر بكثير مما يتلقاه العمال في المؤسسات الأخرى، أو كأن تكون الشركة تحتل أماكن كبيرة جدا أو مضيئة جدا. كما أن سوء التسيير يمكن أن مال أو المخزنة أكثر بكثير من رأس الأعمال، أو إرتفاع التكاليف يأخذ شكل مالي، فكثير من الشركات يلتجئون إلى قروض تجارية للحصول على العتاد و حتى العقارات لأن رؤوس أموالهم غير كافية لذلك فتصبح الشركة بذلك ضعيفة جدا لأنها لا تحتوي على الاحتياطات اللازمة.
3. هناك أسباب إنسانية كعدم التفاهم بين الشركاء، الآفات الاجتماعية أو عدم معايشة التاجر للتقدم.
المطلب الثاني: الأسباب الخارجية
فقد تهلك أو تهبط قيمة موجودات التاجر التي يعتمد عليها في دفع ما عليها من ديون من جراء ارتفاع سعر البترول أو انخفاض العملة مثلا؛ وقد يتعذر عليه أحيانا تحويل ما لديه من عروض وأوراق مالية إلى نقود؛ وقد يفقد سوقا اعتمد عليه لبيع سلعه؛ وقد يقوم في وجهه منافس فتكسد أعماله، وقد لا يستطيع خصم أوراقه التجارية. فإذا وقع شيء من هذا القبيل اضطربت أعمال التاجر دون إمكان نسبة أي خطأ أو تقصير إليه.
الفصل الثاني: الشروط اللازمة لشهر الإفلاس
نصت المادة 215 تجاري على أنه: )) يتعين على كل تاجر أو شخص معنوي خاضع للقانون الخاص ولو لم يكن تاجرا، إذا توقف عن الدفع أن يدلي بإقرار في مدى خمسة عشر يوما قصد افتتاح إجراءات التسوية القضائية أو الإفلاس... (( . يستفاد من هذا النص أن شهر الإفلاس لشخص ما يتطلب شرطين.
الأول ـ أن يكون الشخص تاجرا، أو شخصا معنويا ولو لم يكن تاجرا
الثاني ـ أن يتوقف عن دفع دين تجاري
أ. شرط صفة التاجر في المفلس
المبحث الأول: الشروط اللازمة لشهر إفلاس التاجر،
شخص طبيعي
المطلب الأول: كون المدين تاجرا
يتضح من نص المادة الأولى تجاري أن المشرع اشترط لإضفاء صفة التاجر على الشخص أن يشتغل بالمعاملات التجارية بحيث يتخذها حرفة معتادة له، وقد استقر الفقه والقضاء في أن الشخص يكتسب صفة التاجر إذا مارس الأعمال التجارية باسمه ولحسابه الخاص، كما أوضحت المادتان 5 و6 أحكام أهلية احتراف التجارة.
وعلى ذلك يجب فيمن يطلب إفلاسه أن تكون قد توافرت فيه الشروط التي بدونها لا يعتبر تاجرا وعلى الخصوص شرط الأهلية والحرفة فمن لا يحترف بالتجارة ولا يعتادها، كالزارع أو كل من كان من ذوي الأملاك أو من أرباب المعاشات، لا يمكن إشهار إفلاسه، ولو قام من آن لآخر بأعمال تجارية؛ أما الحرفي فهو ليس بتاجر، والأصل أنه لا يخضع للإفلاس أو التسوية القضائية، لكن لو اشتغل أحد هؤلاء بتجارة ما بجانب زراعة أرضه أو إدارة ملكه أو استثمار معاشه أو الحرفة فإنه يجوز إشهار إفلاسه، لأنه يصبح تاجرا فيما يتعلق بأعمال تجارته. وليس من الضروري ليكون اشخص تاجرا أن تكون تجارته هي عمله الوحيد في الحياة.
قدمنا أنه يجب أن يكون المدين المطلوب إفلاسه تاجرا مع الملاحظة أن عدم القيد في السجل التجاري لا يمنع من تطبيق هاذين النظامين على من مارس التجارة دون إتمام هذا الإجراء، على أساس أن الغير يمكن الاعتماد على الظواهر. ولكننا نرى من الواجب أن تقرر هنا الحقائق الآتية، وهي تهمنا من جهة الإفلاس خاصة. وهذه الحقائق هي:
الفرع الأول: شهر إفلاس التاجر بعد موته
تنص المادة 219 تجاري على أنه إذا توفي تاجرا وهو في حالة توقف عن الدفع ترفع الدعوى إلى المحكمة التجارية في أجل عام من الوفاة بمقتضى إقرار أحد الورثة، أو بإعلان من جانب أحد الزبائن، وللمحكمة أن تفتح الإجراءات تلقائيا خلال نفس المدة. لقد اشترط القانون لجواز الحكم بإشهار إفلاس التاجر المتوفى شرطان وهما:
1. أن يكون توقفه عن دفع ديونه سابقا لوفاته؛ والعلة في هذا الشرط ظاهر لأن التوقف عن الدفع هو لب الإفلاس، ووفاة التاجر لا يجوز أن يتخذ منها وسيلة لحرمان الدائنين من الإجراءات التي وضعها القانون لتحقيق ما لهم من الضمان على أموالهم.
2. أن يطلب إشهار إفلاسه في ظرف سنة من تاريخ وفاته؛ والعلة هنا ترجع إلى حماية سمعة المتوفى وورثته، لذلك قصر المدة التي يجوز فيها طلب إشهار إفلاس التاجر بعد موته قبل أن يعفى عليها النسيان.
وإذا مارس الورثة تجارة مورثهم، يلزمون بتسديد الديون، تحت طائلة إفلاسهم الشخصي.
الفرع الثاني: شهر إفلاس التاجر المعتزل عن التجارة
يجوز شهر إفلاس التاجر الذي اعتزل التجارة، بعد غلق أو بيع محله التجاري، شرط أن يكون قد تعرض للإفلاس في وقت كانت له فيه صفة التاجر. والمحكمة عليها أن تتحقق من أنه كان في حالة توقف عن الدفع. هذا وقد قرر المشرع الجزائري في المادة 220 تجاري، إمكانية طلب شهر الإفلاس خلال مدة عام تبتدئ من شطب اسم المدين من السجل التجاري، عندما تكون حالة التوقف عن الدفع سابقة على هذا الشطب.
الفرع الثالث: شهر إفلاس القصر والممنوعين من التجارة
إن الشخص الذي لا يستطيع ممارسة التجارة كالقاصر، لا يمكن شهر إفلاسه لأنه محمي بسبب انعدام أو نقص أهليته، فالتاجر الذي يشغل تجارة بدون إذن قبل بلوغه سن الرشد التجاري وهو 19 سنة كاملة لا يمكن إشهار إفلاسه بسبب معاملاته السابقة لبلوغه هذا السن. أما القاصر المأذون له بالقيام بالأعمال التجارية على وجه الاحتراف فإنه يكتسب صفة التاجر، ويلتزم بكافة الالتزامات المفروضة على التاجر كالقيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية كما يجوز شهر إفلاسه إذا توقف عن دفع ديونه. وإذا رفض ولي الأمر أو المحكمة السماح للقاصر بالاتجار ومع ذلك مارس الأعمال التجارية على سبيل الاحتراف فلا يكتسب صفة التاجر ولا يجوز شهر إفلاسه ولا يلتزم بمسك الدفاتر التجارية.
وبالعكس فإن الممنوعين من ممارسة التجارة كالموظفين والمحامين لا يمكن الاستفادة من القاعدة وضعت ضدهم وعليه يمكن هر إفلاسهم.
المبحث الثاني: الشروط اللازمة لشهر إفلاس التاجر،
شخص معنوي ) الشركات التجارية (
تخضع الأشخاص المعنوية المتوفرة على صفة التاجر، لنظامي الإفلاس والتسوية القضائية، مثلما يخضع لهما الأفراد الطبيعيين. يشترط لشهر إفلاس شركة أن تكون تجارية، وأن تكون لها شخصية معنوية، وأن تكون في حالة توقف عن الدفع. يثبت شهر الإفلاس بحكم تصدره المحكمة المختصة والتي تقع في دائرتها مركز الشركة، أي المحل الذي تتواجد فيه الهيئات الإدارية للشركة لا المحل التي تباشر فيه أعمالها وإذا كان المركز الرئيسي للشركة في الخارج ولها فرع في القطر الجزائري جاز للمحكمة الجزائرية التي يقع في دائرتها هذا الفرع شهر إفلاس الشركة ويتناول الإفلاس الأموال الموجودة. يجوز طبقا للقواعد العامة شهر الإفلاس بناءا على طلب الدائنين أو من تلقاء نفس المحكمة أو بناء على طلب المدين.
المطلب الأول: شهر إفلاس شركة التضامن
يمكن شهر إفلاس الشركة في حالة توقفها عن الدفع. وبما أن جميع الشركاء في شركة التضامن، تجار، وأنهم ملتزمون شخصيا وبالتضامن، فإن إفلاس الشركة يستتبع إفلاس كل واجد منهم. ذلك لأن الذمة المالية لكل شريك تعتبر ضامنة لديون الشركة، وتوقف هذه الأخيرة عن دفع ديونها يعتبر توقفا تلقائيا من جانب جميع الشركاء.إلا أن إفلاس أحد الشركاء المتضامنين لا يستتبع إفلاس الشركة ) م 563 تجاري ( إلا أن ذلك يؤدي غالبا إلى انحلالها.
المطلب الثاني: شهر إفلاس شركة المساهمة
والشركة ذات المسئولية المحدودة
إن هذه الشركات التي هي شركت بمقتضى شكلها، يمكن شهر إفلاسها. والأصل أن الإفلاس لا يلحق إلا الشخص المعنوي، الشركة، على أساس أن الشركاء أو المسيرين أو المديرين ليست لهم صفة التاجر؛ إلا أن المشرع الجزائري أجاز شهر إفلاس المدير أو المسير القانوني أو الواقعي، الظاهري أو الباطني، المأجور أو غير المأجور إذا كان في ظل الشخص المعنوي وأثناء القيام بتصرفاته، قد قام لمصلحته بأعمال تجارية أو تصرف في أموال الشركة، كما لو كانت أمواله الخاصة؛ أو إذا باشر تعسفيا لمصلحته الخاصة استغلالا خاسرا لا يمكن أن يؤدي إلا إلى توقف الشركة عن الدفع.
المطلب الثالث: شهر إفلاس الشركة الفعلية
الشركة الفعلية هي الشركة التي يستثمر فيها شخصان أو أكثر محلا تجاريا دون أن يكون قد حرر بذلك أي عقد. وبما أن الشركة التي تخضع للإفلاس أو التسوية القضائية، هي الشركة المتمتعة بالشخصية المعنوية، وهذه الأخيرة لا تتمتع بها الشركة إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري ) م 549 تجاري ( فإن هذا المقتضى يمثل مانعا يمنع تطبيق نظامي الإفلاس والتسوية القضائية على الشركة الفعلية.
المطلب الرابع: شهر إفلاس الشركة الباطلة
الشركة الباطلة هي الشركة التي تختلف أحد أركانها الجوهرية أو الشكلية. هنا المسألة ليست بسيطة، فإذا أنتج البطلان الأثر الذي ينتجه الفسخ، بمعنى أن الشركة الباطلة تنعدم بالنسبة لفترة ما بعد الحكم بإبطالها فقط، فإنه يجوز شهر إفلاسها إذا ما وقعت في حالة التوقف عن الدفع قبل هذا الحكم وكانت قد سجلت في السجل التجاري؛ أما إذا اعتبرت الشركة باطلة بالنسبة للغير منذ تكوينها فلا يجوز شهر إفلاسها لأنها تعتبر فاقدة لشخصيتها المعنوية طيلة مدة بقاءها.
المطلب الخامس: شهر إفلاس الشركة المنحلة
أكدت المادة 766 تجاري أنه تبقى الشخصية المعنوية للشركة قائمة، لاحتياجات التصفية إلى أن يتم إقفالها. فمن بين النتائج المترتبة على بقاء الشخصية المعنوية للشركة المنحاة، خلال فترة التصفية، إمكانية شهر إفلاسا.
ب. التوقف عن دفع الديون
إن تواجد المدين في حالة التوقف عن الدفع هو الشرط الموضوعي الثاني الذي يجب توافره لإعلان الإفلاس والتسوية القضائية.
المبحث الأول: حقيقة التوقف عن الدفع
إن مسالة قدرة التاجر عن الدفع أو عدم قدرته مسألة وقائع وليست نقطة قانونية، بل تستنتجها المحكمة من الوقائع. وللمحكمة سلطة مطلقة في تقدير الحوادث والظروف التي تبنى عليها استنتاجاتها، فإذا وصلت من بحثها وتقديرها للظروف إلى أن المدين عاجز حقيقة عن الوفاء بديونه لسوء حالته المالية أو أنه من المستحيل عليه أن يدفعها ولو جاهد وجب عليها أن تعتبره متوقفا عن الدفع وتشهر إفلاسه. أما إذا وجدت أن امتناعه عن الدفع ناتج من ارتباك وقتي لا يلبث أن يزول أو من أزمة طارئة يستطيع أن يتغلب عليها فيؤدي ما عليه فليس لها أن تشهر إفلاسه.
من الصعب وضع قاعدة ثابتة يرجع إليها لمعرفة الأحوال التي يعتبر المدين فيه متوقفا عن الدفع. وغاية ما يمكن عمله هو استعراض آراء الفقهاء وأحكم القضاء وتقرير النتائج التي وصلوا إليها باعتبارها وصفا للوقائع عملا لا أكثر، وأهم ما تؤدي إليه هذه الآراء هو:
المطلب الأول: ثبوت عدم الوفاء بالديون
إن عدم قيام المدين بدفع ديونه هو العلامة المادية الظاهرة على عجزه عن الدفع، وهو أمر يسهل التحقق منه لظهوره، ولكن يتحمل التفصيل. إذ يمكن التساؤل عما إذا كان يكفي أن يعجز المدين عن الوفاء بدين واحد لاعتباره في حالة توقف عن الدفع أو يجب أن يكون عاجزا عن دفع ديونه جميعا؛ إن الامتناع عن دفع جملة الديون أو كثرتها ليس شرطا لاعتبار التاجر متوقفا عن الدفع، وأن امتناعه عن دفع دين واحد قد يكون كافيا لاعتباره كذلك نظرا لأهمية الدين أو لظروفه الخاصة، أو لصفة المدين نفسه، كأن يكون بيتا من البيوت المالية أي مصرفا؛ إذ لا شك أن امتناع المصرف عن دفع دينه ولو مرة واحدة أخطر بكثير على الثقة به وأدعى إلى القلق من امتناع التاجر الفرد.
المطلب الثاني: وسائل الدفع غير المشروعة
إذا كانت العلامة الظاهرة للتوقف عن دفع الديون هي عدم أداءها في مواعيد استحقاقها، فمعنى ذلك أن المدين الذي يفي بديونه كلما طلبت منه لا يجوز إشهار إفلاسه حتى ولو كانت حالته المالية في الواقع حرجة كأن يقترض من شخص ليوفي بما اقترض دين شخص آخر، أو يحصل على موافقة دائنيه على تسوية ودية لتأجيل ديونه أو للتنازل على جزء منها. لكن على عكس ذلك يجب إشهار إفلاس التاجر الذي يلجأ في دفع ديونه إلى طرق يحرمها القانون أو تنطوي على الغش كسحب كمبيالات المجاملة ومداولتها أو القرض بالربا الفاحشة أو الشراء بثمن مرتفع لبيع ما اشتراه بثمن بخص تظاهرا بنشاط تجارته وقدرته على الوفاء.
المطلب الثالث: ثبوت العجز الدائم عن الدفع
لا يكون التاجر متوقفا عن الدفع إلا إذا ظهر من حالته وظروفه أنه عاجز عن الدفع عجزا حقيقيا ومستمرا، فإذا ثبت من وقائع الدعوى أن ما صادف المدين ليس إلا صعوبات وقتية حاول أن يتغلب عليها ما أمكنه بوفائه بجزء مما عليه للدائن، وقبل الدائن هذا الوفاء الجزئي، ومنحه أجلا للوفاء بالباقي، فلا محل لإشهار الإفلاس، لعدم توافر حالة التوقف عن الدفع في هذه الظروف.
المطلب الرابع: الوقائع التي تثبت حالة التوقف عن الدفع
إن حالة التوقف عن الدفع تتوقف على الوقائع والظروف المختلفة التي تحيط بالتاجر. ومن العبث محاولة حصر الوقائع أو الظروف التي تعتبر قرينة عليها. ولكن لا يمنعنا من أن نورد فيما يلي، وعلى سبيل المثال فقط، عددا من الوقائع التي يتخذ منها القضاء الظروف قرائن على التوقف تكفى لإشهار الإفلاس.
الفرع الأول: الاحتجاجات الموجهة إلى التاجر
يلجأ التاجر غالبا في إثبات عجز مدينهم عن الدفع إلى تقديم إعلانات الاحتجاجات التي يوجهونها إيه بسبب عدم دفعه قيمة الأوراق التجارية الممضاة منه ولا تمتنع المحاكم عن اعتبار هذه الاحتجاجات دليلا على توقف التاجر ووجوب إشهار إفلاسه إذا تبين لها من مجموع الظروف التي حصل فيها أو من الاحتجاج وحده عند اللزوم أن عدم دفع قيمة الورقة التجارية ناتج عن سوء حالة المدين المالية وعجزه فعلا عن دفعها.
الفرع الثاني: صدور أحكام على التاجر بالدفع وعدم تنفيذها
ومن القرائن القوية على عجز التاجر عن دفع صدور حكم أو أحكام عليه بدفع الدين المطلوب، وعلى الخصوص إذا كانت تلك الأحكام نهائية أو أصبحت نهائية بمضي مواعيد المعارضة والاستئناف، أو استأنفت وتأيدت نهائيا والحجز على وبيعه وقسمة ثمنه قسمة غرماء بين طالبي الحجز أو المشتركين فيه مثله كمثل الأحكام الصادرة ضد التاجر.
الفرع الثالث: التسوية الودية
يمكن للتاجر إذا شعر بحرج مركزه أن يتصالح مع دائنيه ويمنعهم بذلك من طلب إشهار إفلاسه. ولكن يجب للوصول إلى هذه النتيجة أن يحصل الصلح باتفاقه مع جميع الدائنين بدون استثناء أحد منهم. أما إذا لم يحصل إجماع من الدائنين على قبول التسوية فمن لم يوافق منهم له أن يطلب إشهار الإفلاس ويستند على التسوية كدليل على العجز لأنه إقرار من المدين بذلك؛ أما من وافق على التسوية من الدائنين فلهم أيضا حق إشهار إفلاس المدين رغم قبولهم التسوية، لأن قبولهم مفروض فيه أنه معلق على شرط الموافقة عليها بالإجماع.
الفرع الرابع: تصريح التاجر بأنه متوقف عن الدفع
إن إشهار الإفلاس يجوز أن يكون بناءا على طلب المدين نفسه، وأن على المدين في هذه الحالة أن يقدم تقريرا بتوقفه عن الدفع إلى المحكمة المختصة.
الفرع الخامس: بيع المحل التجاري
بيع المحل التجاري في ذاته ليس دليلا على توقف التاجر عن الدفع، إذ يجوز أن يكون الدافع إليه رغبة التاجر في الانسحاب من التجارة، أو الانتقال إلى بلد آخر، وهو في ذاته ليس دليلا على التوقف؛ حتى ولو كان المحل مدينا بديون كثيرة، على شرط أن يكون التاجر قد احتاط لحماية حقوق دائنيه، كأن يكون اشترط على المشتري دفع ديونهم إليهم. أما إذا باع المحل سرا وخفية عنهم، وعلى الخصوص إذا لم يكن قد اشترط على المشتري أن يتعهد بدفع ديونهم، فقد يؤخذ هذا دليلا على رغبته في خيانتهم وتضييع حقوقهم، أو على الأقل على عجزه عن الدفع.
الفرع السادس: مغادرة التاجر موطنه وإغلاقه محله
هذا أيضا في ذاته ليس دليلا قاطعا على عجز التاجر عن الدفع، ولكنه قد يكون دليلا عليه بحسب الظروف. فإذا كان التاجر لم يغادر موطنه، ولم يغلق محله إلا لينتقل إلى جهة أخرى، وبعد أن أقام له وكيلا كلفه بدفع ديونه إلى دائنيه وترك في يده من الأموال ما يكفي لذلك، أو لم يخفي محل إقامته أو موطنه الجديد وترك عنوانه وحافظ على الوفاء بديونه كلما طلبت منه، فلا محل لإشهار إفلاسه. أما إذا هرب وأخفي عنوانه وأغلق محله بدون سبب ظاهر، فهذا دليل إما على سوء نيته نحوى دائنيه، أو على حالته المالية سيئة، وأنه إنما هرب من المسؤولية.
المبحث الثاني: الديون التي إذا امتنع عن دفعها اعتبر متوقفا
لا يجوز أن يعتبر التاجر متوقفا عن الدفع إلا إذا كانت الديون التي يطالب بها واجبة عليه قانونا أن يؤديها حالا؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى فيما أن التوقف عن الدفع وحالة الإفلاس التي تترتب عليه من أعراض عليه من أعراض الحياة التجارية، لذلك يجب أن تكون الديون التي يترتب على توقفه عن دفعها تفليسه متصلة بتجارته أو ناشئة عنه. وعليه الديون التي إذا امتنع عن دفعها اعتبر متوقفا هي:
المطلب الأول: يجب أن يكون الدين واجب الأداء حالا
يعتبر الدين واجب الأداء حلا إذا كان يستحق الدفع عند طلبه، وكان ثابتا في ذمة المدين ومعلوم المقدار خاليا من النزاع وغير مؤجل إلى أجل, وامتناع التاجر عن وفاء دين عليه توافرت فيه الصفات المذكورة يعرضه للحكم بإشهار إفلاسه، لأن امتناعه في هذه الحالة لا يفسر بكونه عاجزا عن الدفع، وذلك لعدم وجود سبب يبرره. أما إذا كان الدين مؤجلا فالمطالبة به قبل حلول الأجل سابقة لأوانها؛ وللمدين أن يرفض الدفع ما دام الأجل قائما، على شرط أن يكون الأجل في مصلحته أو في مصلحته والدائن.
وإذا كان الدين غير معين المقدار أو كان المدين ينازع منازعة جدية في مقداره فيصعب على التاجر أن يعرف كم يدفع قبل أن يعين مقدار الدين بالطرق القانونية؛ ولذلك لا يؤخذ من امتناعه قبل تعيين مقداره دليل على عجزه عن دفعه. وإذا كان الدين متنازعا عليه، فالتنازع نفسه موجب لتأجيل مطالبة المدين بالدفع إلى أن يفصل فيه القضاء، لكن بشرط أن تكون المنازعة المدين جدية وليس مقصود منها التحايل.
المطلب الثاني: يجب أن يكون الدين تجاري
لقد سمحت المادة 215 من القانون التجاري بتطبيق الإفلاس والتسوية القضائية على التاجر وعلى الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص، وحتى ولو لم يكن من التجار. والمادة المذكورة اشترطت من أجل ذلك وجود حالة التوقف عن الدفع، دون أن تعين طبيعة الديون التي توقف المدين عن دفعها، تجارية كانت أم مدنية. وعليه يمكن القول أنه بالنسبة للأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص، والتي لا تتعاطى أعمالا تجارية كالجمعيات والتعاونيات والشركات المدنية، يجوز شهر إفلاسها في حالة توقفها عن دفع ديونها المدنية. أما بالنسبة للتجار فيمكن شهر إفلاسهم إذا تعلق التوقف عن الدفع بدين تجاري ولا فرق أن تكون هذه الديون ذات صفة تجارية بحكم ماهيتها، أو تكون ذات صفة تجارية بالتبعية كالتاجر الذي يمتنع عن دفع أجرة العقار الذي يشغله لتعاطي تجارته أو عن دفع أجور مستخدميه وعماله، أو التاجر الذي يتأخر عن دفع الديون المترتبة بذمته عن أعماله التجارية.
قد يحدث أن ينشأ الدين مدنيا ثم يتحول بسبب ما، كالتجديد مثلا، إلى دين تجاري، أو بالعكس. وفي هذه الحالة ننظر إلى صفة الدين وقت المطالبة به لا وقت نشوءه.
أما إذا كان الدين مدنيا بحكم ماهيته أو بالتبعية، فإن تأخر التاجر عن دفعه لا يؤدي إلى شهر إفلاسه، غير أنه يحق للدائن بدين مدني أن يطلب شهر إفلاس مدينه التاجر، بشرط أن تتأكد المحكمة من أن هذا الأخير قد امتنع عن الوفاء بدين تجاري. حيث أنه حسب نص المادة 4 تجاري فالمشرع افترض أن كل العقود والتصرفات التي يقوم بها التاجر هي تجارية أي أنها تعتبر قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها بكافة طرق الإثبات.
المبحث الثالث: تاريخ التوقف عن الدفع
يقع عبء التأكد من حالة التوقف عن الدفع، على عاتق المحكمة. وفي أول جلسة يثبت فيها لدى هذه الأخيرة، قيام حالة التوقف عن الدفع، فإنها تحدد تاريخه كما تقضي بالتسوية القضائية أو الإفلاس ) م 222/1 تجاري ( ، وذلك بالإشارة إلى اليوم الذي تحقق فيه. إلا أن المحكمة لا يمكنها أن ترجع تاريخ التوقف عن الدفع إلى أكثر من 18 شهرا تسبق تاريخ صدور الحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية. وفي حالة عدم تعيين حالة التوقف عن الدفع، فإن تاريخ صدور الحكم بالإفلاس أو بالتسوية القضائية، يعتبر تاريخ التوقف عن الدفع ) م 222/2 تجاري ( . وللمحكمة أن تعدل تاريخ التوقف عن الدفع بقرار تال للحكم الذي قضى بالتسوية القضائية و الإفلاس وسابق لقفل قائمة الديون ) م 248 تجاري ( . وإذا ما تم القفل النهائي لكشف الديون، فلا يقبل بعد ذلك أي طلب يرمي لتعيين تاريخ التوقف عن الدفع يغاير التاريخ الذي حدده الحكم بشهر الإفلاس أو بالتسوية القضائية أو الذي حكم تال. فبقفل كشف الديون، يصبح تاريخ التوقف عن الدفع، ثابتا، بالنسبة لجماعة الدائنين ) م 233 تجاري ( .
الفصل الثالث: الاختيار ما بين التسوية القضائية والإفلاس
لقد قرر المشرع الجزائري في المادة 215 تجاري، نفس الصيغة لكل من التسوية القضائية والإفلاس. إلا أن القانون نفسه قد حدد بعض الحالات التي يسمح فيها للمحكمة الاختيار ما بين التسوية القضائية والإفلاس. وأخيرا تقضي المحكمة بتحول التسوية القضائية إلى الإفلاس، إن وجد المدين في حالات معينه حددها المشرع.
المبحث الأول: التسوية القضائية الإجبارية
إن الحكم بالتسوية القضائية، طبقا للمادة 226/1 والمواد من 216 إلى 218 تجاري، إلزامي بالنسبة للمحكمة عندما يقدم المدين إقرارا بالتوقف عن الدفع، خلال 15 يوما، ويرفق بهذا الإقرار الوثائق التالية:
• الميزانية
• حساب الاستغلال العام
• حساب الخسائر والأرباح
• بيان التعهدات الخارجة عن ميزانية آخر سنة
• بيان الوضعية
• بيان رقمي بالحقوق والديون
• إيضاح اسم وموطن كل من الدائنين
• بيان الجانب الإيجابي والسلبي للضمانات
• جرد مختصر لأموال المؤسسة
• قائمة بأسماء الشركاء المتضامنين وموطن كل منهم إن كان الإقرار يتعلق بشركة تشتمل على شركاء مسئولين بالتضامن عن ديون الشركة.
ويتعين أن تؤرخ هذه الوثائق، وأن تكون موقعة، مع الإقرار بصحتها ومطابقتها للواقع، وذلك من طرف صاحب الإقرار. فإن تعذر تقديم أية وثيقة من هذه الوثائق أو لم يمكن تقديها كاملة، تعين أن يتضمن إقرار بيانا للأسباب التي حالت دون ذلك ) م 218 تجاري ( .
المبحث الثاني: الإفلاس الإجباري
لقد حرم المشرع المدين من الحصول على التسوية القضائية في بعض الحالات التي يلان فيها على ارتكابه أخطاء جسيمة. وألزم القضاء، طبقا للمادة 226/2 تجاري، بشهر إفلاسه إن وجد المدين في إحدى الحالات التالية:
1. إذا لم يقم بالالتزامات المنصوص عليها في المادة 218 تجاري
2. إذا كان قد مارس مهنته خلافا لحظر القانون
3. إذا كان قد أخفى حساباته أو بعض أصوله، أو كان سواء في محرراته الخاصة أو في بعض عقود عامة أو في تعهدات عرفية أو في ميزانيته قد أقر، تدليسا، بمديونيته بما لم يكن مدينا به.
4. إذا كان لم يمسك حسابات مطابقة لعرف مهنته، وفقا لأهمية المؤسسة.
المبحث الثالث: الإفلاس الاختياري
إذا وقع المدين في حالة خارجة عن حالات التسوية القضائية الإجبارية أو الإفلاس الإجباري، فإن للمحكمة سلطة الخيار في أن تحكم بالإفلاس أو بالتسوية القضائية. وتأخذ المحكمة بعين الاعتبار سوء نية المدين خلال ممارسة تجارته، وكذلك ما صدر عنه من إهمال لا مبرر له، أدى به إلى خرق فادح للقواعد والأعراف التجارية.
المبحث الرابع: تحول التسوية القضائية إلى الإفلاس
حدد المشرع الجزائري في المادتين 337 و 338 تجاري، حالات تحول التسوية القضائية، إلى إفلاس.
المطلب الأول: الحالات التي نصت عليها المادة 337 تجاري
تقضي المحكمة في أي وقت، أثناء قيام التسوية القضائية، بشهر الإفلاس وذلك:
1. إذا حكم على المدين بالتفليس بالتدليس مثل تحويل أو تبذير كل أو بعض أمواله، إخفاء الحسابات، أو إنشاء ديون وهمية.
2. إذا أبطل الصلح.
3. إذا ثبت أن المدين يوجد في أحد الحالات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 226 تجاري. وهذه الحالات الأخيرة، هي حالات الإفلاس الإجباري. ومعنى ذلك أن المدين إذا لم يكن قبل الحكم بقبوله في التسوية القضائية، في إحدى حالات الإفلاس الإجباري إلا أنه وجد فيها بعد هذا الحكم، فإن المحكمة تحرمه من مزايا التسوية القضائية وتضعه في حالة الإفلاس، أي حالة تصفية الأموال.
المطلب الثاني: الحالات التي نصت عليها المادة 338 تجاري
تقضي المحكمة بشهر الإفلاس:
1. إذا لم يعرض المدين الصلح أو لم يحصل عليه.
2. إذا انحل عن الصلح.
3. إذا حكم على المدين بالتفليس التقصيري.
4. إذا كان المدين، بقصد تأخير إثبات توقفه عن الدفع قد أجرى مشتريات لإعادة بيع بأدنى من سعر السوق أو استعمل بنفس القصد طرقا مؤدية لخسائر شديدة ليحصل على الأموال.
5. إذا رؤية أن مصاريفه الخاصة ومصاريف تجارته مفرطة.
6. إذا كان قد استهلك مبالغ جسيمة في عمليات نصيبية محضة.
7. إذا كان منذ التوقف عن الدفع أو في 15 يوما السابقة له قد أجرى عملا مما ذكر في المادتين 246 و247 تجاري، تتعلق المادة 246 تجاري بالديون المؤجلة المقومة بعملة غير عملة المكان الذي صدر فيه الحكم بالتسوية القضائية أو الإفلاس، وتتعلق المادة 247 بالتصرفات التي تخضع لعدم النفاذ الوجوبي، وذلك متى كانت المحكمة المختصة قد قضت بعدم الأخذ بها تجاه جماعة الدائنين أو أقر الأطراف بهذا.
8. إذا كان قد عقد لحساب الغير تعهدات رؤي أنها بالغة الضخامة بالنسبة لوضعه عند التعاقد وكان لم يقبل مقابلها شيء.
9. إذا كان قد ارتكب في ممارسة تجارته أعمالا بسوء نية أو بإهمال لا يغتفر أو ارتكب مخالفات جسيمة لقواعد وأعراف التجارة.
إذا تحققت حالة من الحالات المذكورة أعلاه، تقضي المحكمة بتحول التسوية القضائية إلى إفلاس، وذلك بحكم يصدر في جلسة علنية، تلقائيا، أو بناء على طلب وكيل التفليسة، أو من الدائنين، بناء على تقرير القاضي المنتدب وبعد سماع المدين أو استدعاءه، قانونا، برسالة موصى عليها مع العلم بالوصول ) م 336 تجاري ( . ويؤدي حكم التحويل، في جميع الأحوال، إلى غل يد المدين، اعتبارا من تاريخ الحكم، ويتبع وكيل التفليسة القواعد الخاصة بالإفلاس بالنسبة للباقي من الإجراءات ) م 339 تجاري (